دع القلق وانطلق وقل
هيا نتابع باقى مقالات دع القلق وانطلق واليوم مع وقل…
حين تتصور أن كل النوافذ أمامك أغلقت، فقل: ما زالت هناك بعد كوة إلى الله تعالى لم تغلق.
فإذا ما وجدت أن كل الأبواب في وجهك أوصدت، قل: باب الفتاح العليم لا يوصد. وإذا طاردك البشر وتنكرت لك الدنيا، قل: سوف أعتصم بخالقهم، وألجأ إلى مالكهم، وألوذ بالركن المتين، شاكيًا إليه ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني عليهم.
بعدها سيكون لله إسراء يناسبك، ومعراج على قدرك، يزيل به مولاك عنك ما علق بالروح من آلام وبالقلب من أسقام.
دع القلق وانطلق وقل
وحين تحدثك نفسك أن كل الطرق قد سدت، والعقبات احتشدت، ورايات الفشل علت وارتفعت، وأصوات الباطل جلجلت، واليأس أجلب بخيله ورجله، فقل عندها: رويدك شعاع واحد من أشعة شمس النهار جدير بأن يبدد كل جيوش الظلام.
وإذا ما نفض البشر أيديهم منك فقل: يد الله بالرحمة أرحب وأوسع، ونداها أندى، وطيبها أطيب، فلا تتأخر أن تكون ممن بايعوا تحت الشجرة “يد الله فوق أيديهم”؛ فإذا أردت يد الله معك، فبايعه على ما يحب ويرضى.
ولو كنت في أعالي السموات أو هناك في مجاهل الغابات أو حتى في أعماق المحيطات ” وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره”.
قل للنفس: يدا الإله مبسوطتان بالليل لمحاويج النهار، وبالنهار لمهازيل الليل.
دع القلق
وإذا وسوس الشيطان بأنك مهزوم ولامحالة أمام داعي الهوى وناديه، فقل: معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي، ينجيك من أنجى يوسف، ويشملك بلطائف عفوه وأنسام لطفه، ولو كنت في قعر جب ضيق أو أسر أسير.
أما إذا اختلطت عليك السبل، وتشتت بك الجهات، وتنازعتك المذاهب، وتداخلت في عينيك الطرق، فاهتف كما هتف المؤمنون:
“اهدنا الصراط المستقيم” يخرجك ربك بعدها من عماء فيه البشر يخبطون، وظلماء في جنحها يتيهون.
وإذا ما أعلن الأطباء عجزهم، وقالوا همسًا وجهرًا: استفحل الداء، وعز الدواء، وتحدد البقاء، فقل لهم:
حلوا أيديكم، وخلوني لربي، واهمس وقتها همس أيوب الضارع وتذلله الخاشع “ربِّ أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين”.
فإذ بثوب العافية يرتديك، ومن حيث لا تحتسب يشفيك وإذا حدث ورماك أحدهم بكلمة نقعها سم الأفاعي، فقل: “خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين”، وردد مع الصالحين” إن الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل”.
وإذا غاب عنك تغريد العصافير، فقل: غدًا ستغرد حتمًا، فإن لم تغرد في الغد فلا بأس، وقل فلتغرد بعد غد.
بقلم أحمد عبد الباري