محمد نبينا هذا نبيك يا ولدي مقالة فى التعريف بالنبي: قطوف من روضة الخلق

محمد نبينا هذا نبيك

محمد نبينا هذا نبيك يا ولدي قطوف من روضة الخلق

مع المقالة الرابع من سلسلة مقالات محمد نبينا هذا نبيك يا ولدي بعنوان قطوف من روضة الخلق بقلم: أحمد عبد الباري.

لدي الحبيب/ 

سألت نفسي: ترى أي روضة بعد روضة الحب أصطحبك إليها ونجني بعض ثمارها اليانعة الشهية؟ 

وسرعان ما جائتني الإجابة، إنها (روضة الخلق)، وإذا ذكر الخلق فالخلق محمد صلى الله عليه وسلم.

وقد زكى العلي الأعلى خلقه في دستوره الخالد (وإنك لعلى خلق عظيم) سورة القلم (4).

فأي شرف وأي رفعة وأي مكانة بعد هذا الخطاب الجميل من الملك الجليل سبحانه وتعالى.

فهنيئًا لك يا سيدي يا رسول الله، يا من أجملت رسالتك في الخلق (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وجعلت الخلق الجناح الثاني بعد تقوى الله لمن أحب أن يطير ويحط رحاله في الجنة.

فقد سئلت عن أكثر ما يدخل الناس الجنة، فقلت: (تقوى الله وحسن الخلق) رواه الترمزي وقال حديث حسن صحيح . 

وجعلت الخلق بوابة الدخول إلى قلبك، ومفتاح الحصول على محبتك وقربك ومجالستك يوم القيامة.

فقلت: (إن من أحبكم إلىَّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحسنكم أخلاقًا).

من رواية الترمزي وقال حديث حسن (رياض الصالحين باب حسن الخلق). 

أ – قطف الحلم 

يروي كل من مسلم والبخارى عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الحادثة التالية:
بينما النبي صلى الله عليه وسلم يقسم ذات يوم قسمًا، أقبل شخص يدعى ذو الخويصرة رجل من بني تميم..
(يحتمل أن يكون هذا الشخص من عرق مغولي، ذلك لأن كتب السيرة تصف لنا هذا الشخص بأنه كان غائر العينين، ناتئ الجبين، مستشرف الوجنتين، مدور الوجه (كالدرع المضروب).
فخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم بوقاحة قائلاً له: (اعدل يا محمد)، لو خاطبنا أحد بهذا الخطاب لهزنا الغضب حتى ولو كنا قد انحرفنا عن العدل فعلاً.

محمد نبينا هذا نبيك

ولكن هذا الكلام وجه إلى نبي كانت وظيفته ومهمته هي إرساء العدالة في الدنيا.
فقال عمر رضي الله عنه الذي كان متواجدًا هناك آنذاك: (دعني أقتل هذا المنافق)، فلم يرض رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبعد أن هدأ من خاطرعمر رضي الله عنه ومن حوله من الصحابة، قال للرجل: (ويلك ومن يعدل إذ لم أكن أعدل؟).
وفي رواية أخرى: (لقد خِبْتُ وخسرت إن لم أكن أعدل)، أي بما أنني نبي فأنت مأمور باتباعي في كل شيء،
فلو لم أكن رجل عدل – حاشا لله ـ إذاً فقد خبت وخسرت، ذلك لأنك لن تكون متبعًا آنذاك طريق الحق والعدل.
ولم يأذن رسول الله ـ كدأبه دائمًا – في قيام أحد بقتله، ذلك لأنه كان رجل حلم من أخمص قدميه إلى مفرق شعره، ولو هز الرسول رأسه أو بقي صامتًا أمام اقتراح عمر رضي الله عنه لطار رأس هذا الشخص صاحب الوجه الصفيق، فهأنت ترى يا بني صفة الحلم عند نبيك صلى الله عليه وسلم، وقد وصلت إلى الذروة التي لا يقدر أن يبلغ درجتها سواه. 

ب – قطف التواضع

اعلم يا بني أن التواضع هو علامة العظمة في العظماء، ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم الناس.
كان أكثرهم تواضعًا.
عند بناء مسجد المدينة وبينما كان الجميع يكد ويعمل كان هو أيضًا يحمل معهم اللبن كفرد من أفرادهم.
فعن أبي هريرة أنهم كانوا يحملون اللبن لبناء المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم معهم.
قال: فاستقبلت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عارض لبنة على بطنه، فظننت أنها قد شقت عليه.
قلت: ناولنيها يا رسول الله.
قال: (خذ غيرها يا أبا هريرة فإنه لا عيش إلا عيش الآخرة) المسند للإمام أحمد 2 / 381 السيرة النبوية لابن هشام 141 . 

وفي حفر الخندق كان كل واحد من الصحابة يربط حجرًا على بطنه، أما هو فحجرين (الترمذي / الزهد ، 139). 

محمد نبينا هذا نبيك

وعندما حضر رجل إلى مجلسه وقابله ارتجف من مهابته، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: (هون عليك فإني لست بملك، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد) (مجمع الزوائد ) للهيثمي 9 / 20 ، وابن ماجة / الأطعمة ، 30 . 
بهذا التواضع الجم استطاع الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون هاديًا أبديًا للإنسانية.
وإنه كمعلم للبشرية يعطينا درسًا بليغًا فحواه أنه لا ينبغي على الإنسان أن يغتر بمقامه أو بمنصبه فينسى نفسه، فكل الناس بشر، والمناصب لا تغير الناس، ولا تجعل منهم مخلوقات أخرى.
فعلى الإنسان في كل حال من الأحوال ألا ينسى أنه فرد من الأفراد، وإن كان البعض يرى أن الديمقراطية أفضل نظام فإن الإسلام وصل إلى محاسنها قبل عدة عصور. 
 

جـ – قطف الرحمة والشفقة . 

 
روى البخاري في كتاب الأدب، ومسلم في كتاب الفضائل، أن الأقرع بن حابس التميمي رضي الله عنه، رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقبل الحسن والحسين رضي الله عنهما، ويأخذهما في حضنه.
قال: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدًا.
فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: (من لا يرحم لا يرحم).
فهكذا يضرب لنا صلى الله عليه وسلم المثل في الشفقة على الأطفال والرحمة بهم.
وكانت شفقته تشمل الحيوانات أيضًا والطيور، فعن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه، قال: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فانطلق لحاجته، فرأينا حُمَّرة معها فرخان (طائر صغير) فأخذنا فرخيها.
فجاءت الحمرة فجعلت تفرش (ترفرف) فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (من فجع هذه بولدها؛ ردوا ولدها إليها) (رواه أبو داود في باب الأدب 164 / والجهاد 112/ ورواه الإمام أحمد في المسند 112) . 
 

د – قطف الصدق 

 
دعت امرأة طفلها قائلة: ها تعال أعطك.
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وما أردت أن تعطيه؟).
قالت: أعطيه تمرًا.
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أما إنك لو لم تعطه شيئًا كتبت عليك كذبة) مسند الإمام أحمد 3 / 447 ، أبو داود ، الأدب ، 80 ) . 

إنه الصدق والصدق هو محور النبوة ومدار ارتكازها، ولذا فإن الرسول كان يعد الكذب من علامات النفاق ويبعد الناس عنه قدر استطاعته.

اقرأ سلسلة مقالات هذا نبيك يا ولدي:
لماذا النبي صلى الله عليه وسلم
لحن السماء
قطوف من روضة الحب
قطوف من روضة الخلق
وماذا بعد

مسابقة القرآن الكريم الماء فى القرآن والسنة

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال