قصة قصيرة للاطفال قصة الخس وصديقى الفلاح
بقلم محمد عبد الظاهر المطارقيهذا الموسم للخس..
والشمس تبتسم وهى ترسل ملايين الخيوط الذهبية لتشد شتلات الخس فتشتد وتزهو فى اخضرار ولمعان..
ومجاهد من عشاق الخس، والفلوس لا يملكها، والمعدة تطلب، واللعاب يسيل..
والخيال يتفنن فى عمل مأدبة تقوم على أعواد الخس المنقوعة فى ماء النهر، والعقل يخطط، والأسنان تطحن الخس فى صوت شجي يرضى النفس، ويدعو للبهجة.
لكنه لم يفعل، فقط تتعلق نظراته بالخس وهو ينتصب فى خطوط منتظمة على صدر الأرض.
والخس فى الحقل مع الهواء الطلق، وحفيف الأغصان، وخرير النهر له شأن آخر وطعم لذيذ. والفلاحون لا يرون مجاهدا، وهو يراهم. يقول:
” ذلك ما حدث بالضبط.. انه فى يوم من أيام الربيع، كنت أسير بمحاذاة حقل من حقول الخس..
ولم أكن أملك مليما واحدا فى جيبي..وراح لعابي يسيل بصورة لم أعهدها فى نفسى من قبل..
وراحت عيناى تنطلقان هنا وهناك لتستقرا على شتلتين من أجود الشتلات فى الحقل، ولم أمنح لنفسي فرصة التفكير والأخذ والرد بل قمت على الفور بنزعهما من الطين، وقلبى يدق بعنف شديد، وطنين حاد يطن فى أذنى، وجسدى كله يرتجف..
وهرعت مسرعا صوب النهر أغسل ماتم نزعه من الأرض. ولم أنس شكل الخس وهو يقذفني بنظرات أليمة حزينة قائلا بصوت لم يسمعه غيري:
” لص..”!! والتهمت الخس، لكننى لم أجد اللذة والحلاوة اللتين تخيلتهما وأنا أقف فى مواجهة الأرض “.
ويقول مجاهد :
” فى الليل وأنا نائم، وجدتنى أركض وجيوش من الخس تركض خلفى، بعضهم يسبني ويلعننى..
والبعض الآخر يتوعدنا.. والفلاح المسكين صاحب الأرض ينظر الى ويهز رأسه ولا يتكلم”.
ثمن الخس
وتكرر ذلك مرات عديدة. فعاهدت نفسى أن أرد ثمن ما أكلته من مصروفى، وانتظرت حتى تكون فى يدي بضعة قروش وفى الحال ذهبت إليه، كان نفس الفلاح الذى حلمت به..
رجل طيب تنطق سيماه بالسماحة.. قصصت عليه كل ما حدث، ورجوته أن يسامحني ويأخذ ثمن الخس. ضحك كثيرا وقال:
” بالهناء والشفاء ” ولم يأخذ ثمن الخس.
حاولت كثيرا لكنه لم يقبل بل نزع ثلاث شتلات كبيرة وأعطاها لي. وقال أنت إنسان نادر الوجود.. وأصبحنا أصدقاء.
أذهب إليه كل يوم ونجلس على حافة النهر ليحكى لي عن أولاده الطيبين الذين يساعدونه فى إصلاح الأرض وريها وزرعها أيضا..
وهم يعاونونه فى جمع المحصول..ومن يومها وأنا أذهب إلى هذا الفلاح كل يوم.
انتهت قصة قصيرة للاطفال بعنوان الخس وصديقى الفلاح.