قصة بنى الله ابراهيم عليه السلام
اليوم مع قصة بنى الله ابراهيم عليه السلام..
نحْنُ الآنَ بِصَدَدِ قِصَّةِ أَحَدِ الأَنْبِيَاءِ الْعِظَامِ، إنَّهُ رَسُولُ اللهِ “إبْرَاهِيمُ ”أَبُو الأنْبِيَاءِ؛ لأنَّ كُلَّ الأنْبِيَاءِ الَّذِينَ ابْتَعَثَهُمُ اللهُ عَزَّوَجَلَّ بَعْدَ ذَلِكَ لِلنَّاسِ، همْ جَمِيعًا مِنْ نَسْلِ سَيِّدِنَا إبْرَاهِيمَ.
لَقَدْ ظَهَرَ إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فِي بِلاَدٍ تُسَمَّى ” بَابِلَ” كَانَ أَهْلُهَا يَعْبُدُونَ الأَصْنَامَ.
شَعُرَ بِالْحُزْنِ الشَّدِيدِ نَحْوَهُمْ، وَأَشَدَّ مَا كَانَ يؤْلِمُهُ، أَنَّ وَالِدَهُ (آزَرَ) كَانَ مِثْلَهُمْ، لَكِنَّهُ لَنْ يَقِفَ هَكَذَا مَكْتُوفَ الأَيْدِي.
هَا هُوَ إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يحَاوِلُ التَّحَدُّثَ إلَى أبِيهِ بِكُلِّ شَفَقَةٍ وَرَحْمَةٍ، يَدْعُوهُ إلَى نَبْذِ تِلْكَ الأَصْنَامِ الَّتِي هِيَ تَمَاثِيلُ لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصْنَعَ لَهُ شَيْئًا، فَهَلْ يَسْتَجِيبُ وَالِدُهُ لِنَصَائِحِهِ؟
إنَّ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَمْ يَدَّخِرْ جَهْدًا فِي إقْنَاعِ وَالِدِهِ، لَكِنَّ آذَرَ لَمْ يُؤْمِنْ، وَأصَرَّ عَلَى مَوْقِفِهِ وَتَعَنُّتِهِ ، لَكِنَّ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَمْ يَيْأَسْ.
ذَهَبَ إلَى النَّاسِ فِي الأَسْوَاقِ وَالشَّوَارِعِ.. وَكُلِّ مَكَانٍ، يَنْصَحُهُمْ، وَيَدْعُوهُمْ إلَى عِبَادَةِ اللهِ تَعَالَى الْوَاحِدِ.
ذكاء نبى الله إبراهيم عليه السلام
وَكَانَ إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ـ بِرَغْمِ سِنِّهِ الصَّغِيرِ ـ يَمْتَلِكُ قُوَّةَ الْمَنْطِقِ، وَالْحُجَّةِ..
فَضْلاً عَنِ امْتِلاَءِ قَلْبِهِ بِقُوَّةِ الإِيمَانِ وَالإِخْلاَصِ للهِ عَزَّ وَجَلَّ.
لَكِنَّهُمْ أَصَرُّوا عَلَى كُفْرِهِمْ، وَشَعَرَ إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِالْحُزْنِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَيْأَسْ، وَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَيْأَسَ.
وَفَكَّرَ إبْرَاهِيمُ فِي وَسِيلَةٍ ـ رُبَّمَا ـ تَكُونُ أَجْدَى وَأَنْفَعَ مَعَ قَوْمِهِ، فَانْتَظَرَ إبْرَاهِيمُ الْوَقْتَ الْمُنَاسِبَ لِيَقُومَ بِخُطَّتِهِ.
وَجَاءَ الْمَوْعِدُ..
إنَّهُ يَوْمٌ يَخْرُجُ الْجَمِيعُ فِيهِ إلَى خَارِجِ الْمَدِينَةِ لِلاحْتِفَالِ بِأَحَدِ أَعْيَادِهِمْ، لَكِنَّ إبْرَاهِيمَ رَفَضَ الْخُرُوجَ مَعَهُمْ ، فَقَدْ ذَهَبَ إلَى الْمَعْبَدِ الَّذِي يَحْوي تِلْكَ الآلِهَةَ الْمَزْعُومَةَ، وَهوَ يَحْمِلُ فِي يَدَيْهِ قَادُومًا.
وَأَمْسَكَ إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِالْقَادُومِ وَرَاحَ يُكَسِّرُ الأَصْنَامَ، حَتَّى جَعَلَهَا قِطَعًا صَغِيرَةً، وَلَمْ يَتْرُكْ إلاَّ كَبِيرَهُمْ، وَذَهَبَ إلَيْهِ وَعَلَّقَ الْقَادُومَ فِي رَقَبَتِهِ، ثمَّ انْصَرَفَ.
عَادَ النَّاسُ لِيَجِدُوا آلِهَتَهُمْ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ ، فَأَحْضَرُوا إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَسَأَلُوهُ: أأنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إبْرَاهِيمُ؟!
قَالَ إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ – وَهُوَ يشِيرُ نَحْوَ الصَّنَمِ الضَّخْمِ- : بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا.. اِسْألُوهُمْ.. هَا هُمْ أمَامَكُمْ لَوْ كَانُوا يَنْطِقُونَ سَيَقُولُونَ لَكُمُ الْحَقِيقَةَ.
تَبَادَلَ الْجَمِيعُ النَّظَرَاتِ، إنَّ كَلاَمَ إبْرَاهِيمَ منْصِفٌ وَمقْنِعٌ.. وَلَكِنْ .. كَيْفَ لإبْرَاهِيمَ أَنْ يَهْزِمَهُمْ وَيَتَغَلَّبَ عَلَيْهِمْ، فَانْفَجَرُوا بِغَضَبٍ، وَصَاحُوا:
” أمْسِكُوهُ ، قَيِّدُوهُ بِالْحِبَالِ.. حَرِّقُوهُ فِي النَّارِ..”.
نبى الله إبراهيم في النار
وَرَاحَ النَّاسُ يَجْمَعُونَ الأخْشَابَ، وَيَذْهَبُونَ بِهَا إلَى الْمَكَانِ الَّذِي أَعَدُّوهُ لِحَرْقِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ.
وَجَاءَ الْيَوْمُ الْمَوْعُودُ.. وَحَمَلُوا إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَأَلْقَوْهُ فِي النَّارِ.
لَمْ يَخَفْ إبْرَاهِيمُ، لأنَّهُ يَعْلَمُ يَقِينًا أنَّهُ عَلَى الْحَقِّ، وَأنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ نَاصِرُهُ.. قَالَ إبْرَاهِيمُ : ”حَسْبِي اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ “
وَهنَا أَمَرَ اللهُ تَعَالَى النَّارَ ألاَّ تَحْرِقَ إبْرَاهِيمَ.
سَمِعَ مَلِكُ بَابِلَ بِقِصَّةِ ” إبْرَاهِيمَ” ـ وَكَانَ طَاغِيَةً ـ فَأَرَادَ أنْ يَرَاهُ بِنَفْسِهِ. ذَهَبَ إبْرَاهِيمُ إلَيْهِ لِتَحْدُثَ بَيْنَهُمَا منَاظَرَةٌ.
سَأَلَهُ الطَّاغِيَةُ : حَدِّثْنِي عَنْ رَبِّكَ يَا إبْرَاهِيمُ ، قَالَ إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: رَبِّي هوَ الَّذِي يحْيِي وَيمِيتُ.
صَاحَ الطَّاغِيَةُ قَائِلاً: وَأنَا أَيْضًا أحْيِي وَأمِيتُ .. إنَّنِي الآنَ بِوسْعِي أنْ أُحْضِرَ رَجُلَيْنِ مِنَ السِّجْنِ، سَأَقْتُلُ أَحَدَهُمَا وَأَعْفُو عَنِ الآخَرِ.
قَالَ إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: إنَّ رَبِّي يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ، فَاجْعَلْ أنْتَ الشَّمْسَ تَأْتِي مِنَ الْمَغْرِبِ.
هُنَالِكَ بُهِتَ الْمَلِكُ الطَّاغِيَةُ وَلَمْ يَنْطِقْ.
بَعْدَهَا قَرَّرَ إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أنْ يَتْرُكَ بِلاَدَ بَابِلَ وَيَذْهَبَ إلَى بِلاَدٍ أُخْرَى يَدْعُو فِيهَا إلَى عِبَادَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
وَلَمْ يُؤْمِنْ مَعَهُ إلاَّ ” سَارَةُ ” ابْنَةُ عَمِّهِ.. وَالَّتِي تَزَوَّجَهَا. وَلُوطٌ ابْنُ أَخِيهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ – الَّذِي صَارَ نَبِيًّا فِيمَا بَعْدُ – وَهَاجَرُوا جَمِيعًا.