
أساليب تربية الأطفال في الاسلام
تتنوع الأساليب التربوية لتحقيق الهدف العام للتربية، ويمكن إجمالها فيما يأتي:
1- القدوة الحسنة:
تعتبر القدوة من أهم الأساليب التربوية التي ينعكس تأثيرها على شخصية الفرد بشكل واضح، ولها دور بارز في تعديل السلوك وفق القيم والفضائل الخلقية، ويعود السبب في ذلك إلى ميل الطفل نحو تقليد الآخرين، ومحاكاتهم في أقوالهم وأفعالهم وحركاتهم، وهذا يتطلب من المربّي تمثل الاستقامة في سلوكه، وترجمة قوله إلى فعل حتى يكون أبلغ أثرا وأعمق انطباعا في النفس، وهذا موضع اتفاق بين علماء التربية المسلمين وغيرهم والأصل في ذلك قوله تعالى: ﴿لَقَد كَانَ لَكُم فِي رَسُولِ الله أُسوةٌ حَسَنَةٌ﴾.الأحزاب:21
وغالباً ما ينتهي هذا الأسلوب بالممارسة العملية للحياة، والدروس العملية للفضيلة والقيم والأحكام الشرعية فيعتمد الطفل على نفسه، ويستفيد من تجاربه.
2- الوعظ والإرشاد:
يعتبر النصح والتوجيه المباشر أسلوبا هاماً في التربية، ويختلف تأثيره باختلاف حال النفوس في الإقبال والنفور، والسهولة والعناد، ومن المعلوم أن نفس الطفل أكثر مرونة، وألين عريكة وأسرع اعتياداً من الكبير، فكان تعاهده بالتربية والتأديب واجب كل من يتولى أمره.
وعلى المربي تحيّن الوقت المناسب في توجيهه وإرشاده، لئلا تتسلل السآمة إلى نفسه، ويراعي اللطف في النصح والرفق في القول وخفض الصوت، وستر الحال ما أمكن، فقد روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا الموعظة في الأيام كراهة السآمة.”
أساليب تربية الأطفال
3- العادة:
وهي تكرير الشيء دائماً أو غالباً على نهج واحد من غير علاقة عقلية، وقد تأخذ طابعاً اجتماعياً، فترتضيها عقول الناس، ويعودون إليها مرة بعد أخرى.
والإنسان في الغالب يكون إلى ما اعتاد أميل وعليه أحرص وبه أشد تمسكاً، والصغير أسلس قيادة، وأحسن مواتاة وقبولاً، وأقل عزيمة في الانصراف عمايؤمر به من المذاهب الجميلة والطرق المثلى، وهذا يرتب على المربي تعويد الطفل على التزام القواعد والمبادئ الإسلامية حتى ينساق وراء أدائها بشكل آلي ودون تجريدها من حقيقة كونها عبادة في الهدف والمغزى. وقد قال صلى الله عليه وسلم: “مُرُوا أولادَكُم بِالصَّلاةِ، وَهُم أبنَاءُ سَبع، وَاضرِبُوهُم عَلَيهَا، وَهُم أبنَاءُعَشر،” وليس ذلك إلا بهدف تعويدهم على التزام الطاعة واجتناب المعصية.
4- إثارة العاطفة:
تثار العواطف بإيقاظ المشاعر الوجدانية، وتحريك العواطف الداخلية تجاه الشيء المتعلم بحيث يكون رديفاً للفرد نحو الالتزام به والثبات عليه،41وتتنوع الوسائل المستخدمة في الترغيب بالأمر وإثارة الاهتمام به، كالحوار والقصة وضرب الأمثال وغيرها، وهذا أسلوب قرآني بليغ الأثر في تهذيب النفس وتوجيهها، قال تعالى: ﴿فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾.الأعراف: 176
أساليب تربية الأطفال
5- التربية بالتعليم:
يعتبر التعليم وسيلة خادمة للتربية، وجزءاً هاماً منها، وهو في الغالب يقترن بالدليل العقلي والبرهان المنطقي، ويراعى فيه التدرّج مع استخدام الوسائل الحديثة والحسية بغية تقريب المعنى وتزويد الفرد بأرضية علمية وثقافية واسعة.
جعل بعض علماء التربية التعليم مرحلة لاحقة لمرحلة التهذيب والتأديب، والتي بدورها تتبع مرحلة الحضانة، فمن تعلم دون تأديب، لم ينفعه التعليم.
6- الترغيب والترهيب:
الترغيب: وعد يصاحبه تحبيب الإنسان وإغراؤه بإنجاز عمل ما، يجني من ورائه مصلحة وخيراً، أما الترهيب: فهو وعيد الإنسان بالعقوبة، وتحذيره من الأعمال المحرمة.
وما من شك أن استخدام مثل هذا الأسلوب له أهميته، لاسيما في مراحل الطفولة الأولى، وهو مستقى من الفطرة الإنسانية، حيث يرى المربّون المسلمون أن لدى الطفل ميلاً طبيعياً نحو حب الثناء والمديح، كالرغبة في كل ما يجلب له اللذة والسرور، دون التفكير في العاقبة، وهو أيضاً يبغض اللوم، وكلّ ما يجلب له الشعور بالألم.45
ومن صور الترغيب: المديح، والثناء، والابتسام، والتقبيل، والمعانقة.
ومنه إظهار محاسن الطفل والثناء عليه أمام الآخرين من غير مراء ولا تبجيل وكذلك الدعاء له،47فها هو ذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو لخادمه أنس بقوله: “اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته.”
أما الترهيب فهو كالتغافل والتأنيب والتعنيف والتهديد والحرمان والهجر.
من غير شتم أو لعن أو تحقير، فما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان كذلك، جاء في حديث أنس رضي الله عنه “لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبّاباً، ولا فحاشاً ولا لعّاناً”، وعليه تجنب الدعاء على ولده، لأن في الدعاء عليه إفسادا له، قال صلى الله عليه وسلم: “لا تدعو على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم”.
ولا ينبغي هتك ستر الطفل أو مكاشفته، لاسيما إذا ستره واجتهد في إخفائه، لأن هذا قد لا يزيده إلا جسارة وإصراراً على الخطأ دون مبالاة بأحد.
أساليب تربية الأطفال
7- الثواب والعقاب:
حظي هذا الجانب باهتمام علماء التربية المسلمين كما اعتمده علماء النفس في الغرب، ابتداء بمبدأ اللذة (تكرار السلوك يرتبط باللذة الحاصلة منه)، والذي قال به فرويد وهربرت سبنسر، وانتهاء بمبدأ التعزيز الذي تبناه السلوكيون، حيث جعلوا المنبهات الخارجية التي ترافق السلوك من ثواب، أو عقاب بواعث له بخلاف الحافز الذي يعبر عن حاجة فيزيولوجية داخلية في الغالب.54
ومن صور الثواب المادي: تقديم ما له قيمة مادية في ظاهره، وهو معنوي في تأثيره أيضاً وذلك كالمكافآت المالية والجوائز نحو الدمى، والكتب، والأدوات المدرسية والرياضية والفنية والألعاب، والهدايا المختلفة، وقد تكون معززاً غذائياً، وفق ما عبّر عنه علماء النفس.
وقد أشارت الدراسات الحديثة إلى أن المعززات المادية يتعاظم تأثيرها في مراحل الطفولة الأولى، وعند المعوقين أيضاً، ثم يبدأ بالانحسار حتى يصبح شبه معدوم في المرحلة الإعدادية والثانوية، والاتفاق مطرد عند علماء التربية على أن الثواب كلما خرج عن المضمون المادي إلى المعنوي كان أثبت في تعديل السلوك وتوجيهه.
أما العقاب: وهو إنزال العقوبة الفعلية بالإنسان المقصر أو المسيء للأدب، فقد اتفق علماء التربية من المسلمين وغيرهم على اعتماد العقاب في سياسةالطفل وتوجيهه،58كوسيلة اضطرارية، نظراً لخطورته، وما قد يخلفه من آثار جسدية أو نفسية سلبية، ولابد أن يكون تربوياً في مآله، ويتم إيقاعه بشكل تدريجي من الأخف إلى الأشد، ولا يلجأ إلى وسيلة مع جدوى ما دونها.
والعقاب ضروري في بعض الأحيان لتقويم سلوك الطفل وتنمية الشعور بالمسؤولية لديه، شرط ألا يكون تلقائياً متكرراً بحيث يصبغ علاقة الولد بأبويه أومعلميه، لأن التعنيف المتكرر يفقد تأثيره شيئاً فشيئاً، بل وقد ينتج عنه أشكال من السلوك الخاطئ، كالاستهزاء مثلاً.
ومن العقوبات البدنية: الصفع وشد الأذن والضرب وهو اسم لفعل مؤلم يتصل بالبدن، أو استعمال آلة التأديب في محل قابل الإيلام. ولكي تفهم العقوبة فيغير سياقها، كأنّها مطلوبة لذاتها، يحسن التنبيه إلى ضوابط العقوبة البدنية وشروطها.
اكبر مكتبة قصص بصيغة PDF
نقدم لكم اليوم 100 قصة مصورة و PDF
قصص قبل النوم
مناهج تعليمية
انقر على الرابط وقم بتحميل الملفات